
متظاهرون مؤيدون لغزة في هانوفر، ألمانيا عام 2021 (رامي جزّون / أنسبلاش)
لا تكاد المجتمعات الغربية تهدأ من موجات التظاهرات الحاشدة المؤيدة لغزة، مستنكرةً جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها النظام الإسرائيلي بحق المدنيين، والتي شبهها كثيرون بالأنظمة الفاشية. فلم تعد الأكاذيب الإسرائيلية تجد رواجاً عند شرائح واسعة من الرأي العام في العالم الغربي كما في السابق. إذ أصبحت صور المجازر في حق الأطفال والنساء العُزل، تنتشر مباشرة إلى الرأي العام الدولي بفضل التطور الرقمي. مما يردع من محاولات التبرير، ويفضح الصورة الزائفة للسلام التي تحاول الآلة الإعلامية الإسرائيلية ترويجها أمام المجتمع الدولي.
و يخاطر الكثير من الناشطين بالملاحقات القضائية والتضييق للدفاع عن فلسطين وفضح الجرائم الإسرائيلية، رغم التهديدات وخسارة الفرص. ومن الأمثلة على ذلك الفنان البريطاني “بوب فايلان”، الذي فقد تأشيرات سفره وتمت مقاطعته من قبل الوكالات بعد هتافه “الموت لجيش الدفاع الإسرائيلي” في مهرجان غلاستنبري في 28 يونيو 2025، لكنه واصل مواقفه بكل شجاعة وإصرار مؤمناً عن قناعة بالظُلم الذي يرتكبه الجيش الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني.
في المقابل، لا يزال الكثيرون في الوطن العربي ماضون في مسار التطبيع. وكأنهم منفصلون تماماً عن آلام الشعب الفلسطيني. حتى أصبح المتابع للأحداث يتساءل عن سبب الصمت المريب لبعض الدول العربية تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة. بل وحتى ذهاب بعض الحكومات العربية إلى حد منع دخول المساعدات إلى أهل غزة وتعزيز الحصار بالتنسيق مع العدو الإسرائيلي.
بعد “بوب فايلان”، فرقة الروك البريطانية “إيدلس” (Idles) تؤدي أغنيتها الشهيرة المناهضة للـ.ـفاشية “فرق تسد” في حفلٍ ببرشلونة، وتهديها للشعب الفلسطيني. pic.twitter.com/UfMHJ7Trbc
— مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) July 7, 2025
فما سبب الصمت العربي المُريب تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة؟ ولماذا تكاد تغيب التغطية الإعلامية العربية، باستثناء قنوات معدودة، عن نقل جرائم العدوان الإسرائيلي بحق أهالي غزة من أطفال ونساء وعُزل؟
يرجع هذا الصمت لأسباب عديدة ومتشابكة، من أبرزها هو حالة الضعف والانقسام الداخلي التي تعيشه المنطقة. فالكثير من الدول باتت منشغلة بأزماتها الاقتصادية والسياسية على الصعيد المحلي مما يجعلها تتجنب أي عبء خارجي قد يثير مواجهات غير مرغوب فيها أمام جبهتها الداخلية. ولا شك بأن القضية الفلسطينية تحمل مكانة راسخة في ضمائر الكثيرين، خصوصاً في وجدان الشعوب العربية التي لا حول لها ولا قوة أمام غياب الإرادة الرسمية، ما يجعل صوتها محدود التأثير. ويرى البعض أن تحسين العلاقات مع الاحتلال قد تكون وسيلة لكسب رضا الغرب وتحقيق مصالح أمنية واقتصادية. ما قد يدفع البعض إلى تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني فيلجأ إلى شرعنة خذلانه بدلاً من مواجهته لتحقيق هذه المصالح.
🦋 لكي يتخلص البعض من
— Ahmad د.أحمد موسى العربي (@Myahmadiat) July 8, 2025
شعور العجز وتأنيب الضمير
يبدأ بشرعنة خذلانه. #ملحمة_فلسطين pic.twitter.com/rLgFYSWm4A
وقد أدت هذه التوجهات إلى زيادة الضغوط السياسية والرقابية التي تُمارس على وسائل الإعلام العربية، بحيث تُمنع من تغطية أي مواضيع قد تُحرج أو تتعارض مع السياسات المتبعة. مما أدى إلى ضعف دور الإعلام المستقل، وهيمنة الإعلام التجاري الذي يُفضل المحتوى الأقل حساسية لتجنب إثارة الخلافات، وهو ما يصب في نهاية المطاف في مصلحة، إذ يتيح ذلك للاحتلال ممارسة جرائمه دون أي محاسبة.
ما يطرح التساؤل حول مصدر قوة إسرائيل، التي طالما صُوِّرت على أنها قوة لا تُهزم. غير أن العمليات الباسلة التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، رغم الحصار، أثبتت أن خرافة “الجيش الذي لا يُهزم” لا تعود إلى قوة جيش الاحتلال ذاته، بل تكمن في ضعف الأمة العربية وانقسامها.
إذا أعجبك هذا المقال أو كان لديك أسئلة تخص موضوع المقال لا تتردد بإبداء رأيك في قسم المراجعات.